لطالما ارتبط امتلاك السيارة بالنجاح والاستقلال، لكن هذا المفهوم تغيّر لدى الجيل الجديد في الإمارات، إذ بات العديد من الشباب يفضلون استئجار السيارات بدلاً من شرائها. فجيل زد، الذي نشأ في عالم رقمي سريع الإيقاع، يبحث عن المرونة والسهولة أكثر من الملكية الدائمة. هذا التوجه يظهر بوضوح في الأرقام: وفقًا لاستطلاع أجرته YouGov، واحد من كل خمسة مقيمين في الإمارات يفضّل الاستئجار على الشراء، بينما ترتفع النسبة بين جيل زد. فالقروض الطويلة وتكاليف الصيانة والتأمين لا تُعتبر بالنسبة لهم دليلاً على النضج، بل عبئًا غير مرغوب فيه.
بالنسبة لهؤلاء الشباب، الحرية الحقيقية تعني التحرر من الالتزامات. فخيار الاستئجار يوفّر راحة البال: لا ديون، لا صيانة مفاجئة، ولا قلق من إعادة البيع. يمكنهم استئجار سيارة صغيرة للعمل اليومي أو SUV للرحلات الأسبوعية، دون التقيد بعقود طويلة الأمد. كما أن المسألة تتجاوز الجانب المالي، إذ يُظهر جيل زد وعياً بيئياً متزايداً، فيفضل تجربة السيارات الكهربائية والهجينة عبر التأجير، ما يتماشى مع استراتيجية الإمارات للحياد الصفري 2050. وقد استجابت شركات التأجير لهذا التحول، فعززت أساطيلها بسيارات صديقة للبيئة.
من جهة أخرى، يتوقع هذا الجيل أن تكون كل تجربة رقمية وسلسة — من الحجز عبر التطبيقات إلى فتح السيارة إلكترونيًا وإتمام المعاملات دون تلامس. ولهذا أصبحت خدمات التأجير الحديثة تشبه اشتراكاً رقمياً أكثر من كونها عملية بيع تقليدية. هذا الاتجاه ليس مؤقتًا، بل يمثل تحولاً ثقافيًا طويل الأمد في نظرة الشباب للملكية والتنقل. ومع تطور مدن مثل دبي كمراكز عالمية للابتكار، يبرز مفهوم "التنقل كخدمة" كأحد أبرز ملامح المستقبل، حيث ستصبح السيارات الذكية والمستأجرة جزءًا طبيعيًا من الحياة اليومية. يشكل هذا التحول تحديًا وفرصة لشركات السيارات والتأجير على حد سواء، إذ يتعين عليها التكيّف مع جيلٍ يقدّر الحرية أكثر من التملك، والتجربة أكثر من الرفاهية، والاستدامة قبل كل شيء.